قوله جل ذكره: {وَالفَجْرِ وَلَيالٍ عَشْرٍ}.الفجرُ انفجارُ الصُّبح وهو اثنان: مستطيلٌ وقصير؛ ففي التفسير: إنه فَجْرُ المحرَّم لأنه ابتداء السنة كلها، وقيل: فجر ذي الحجة.ويقال: هو الصخور ينفجر منها الماء.ويقال: أقسم به لأنَّه وقتُ عبادة الأولياء عند افتتاحهم النهار.{وَلَيَالٍ عَشْرٍ} قيل: هي عَشْرُ ذي الحجة، ويقال: عَشْرُ المحرم؛ لأن آخرها عاشوراء. ويقال: العَشْرُ الأخيرة من رمضان.ويقال: هي العَشْرُ التي ذكرها اللَّهُ في قصة موسى عليه السلام تمَّ به ميعاده بقوله: {وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ}.ويقال: هو {فجرُ} قلوبِ العارفين إذا ارتقوا عن حدِّ العلم، وأسفر صُبْحُ معارفِهم، فاستغنوا عن ظلمة طلب البرهان بما تجلَّى في قلوبهم من البيان.{وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ}.جاء في التفاسير: الشفعُ يومُ النَّحْرِ، والوتر يوم عَرَفَة.ويقال: آدم كان وتراً فشُفِعَ بزوجته حواء.وفي خبرٍ: إنها الصلوات منها وتر (كصلاة المغرب) ومنها شفع كصلاة الصُّبْح.ويقال: الشفع الزوج من العَدَد، والوتر الفَرْدُ من العدد.ويقال: الشفع تضادُّ أوصاف الخَلْق: كالعلم والجهل، والقدرة والعجز، والحياة والموت. والوتر انفرادُ صفاتِ الله سبحانه عمَّا يضادُّها؛ علم بلا جهلٍ، وقدرة بلا عجزٍ، وحياة بلا موتٍ.ويقال: الشفعُ الإرداة والنية، والوتر الهِمَّة؛ لا تكتفي بالمخلوق ولا سبيل لها إلى الله- لتَقَدُّسِه عن الوَصْلِ والفَصْل.. فبقيت الهِمَّةُ غريبةً.ويقال: الشفع الزاهد والعابد، لأن لكل منهما شكلاً وقريناً، والوترُ المريدُ فهو كما قيل:فريدٌ من الخِلاَّنِ في كل بلدةٍ *** إذا عَظُمَ المطلوبُ قَلَّ المساعدُ